Monday, February 18, 2019

السعودية: لماذا يستمر تقييد حرية المرأة رغم حديث الإصلاحات؟

ويقول تاكاتسكي إن معرفة الظروف المناخية التي سادت في الماضي، تجعل تصورنا عن التاريخ أكثر ثراءً، بما قد يفيد كذلك في توقع كيف يمكن أن يكون رد فعل الأسواق على أي شحٍ في المواد يحدث في المستقبل جراء التغير المناخي.
ونعود إلى ناكتسكا الذي يرى أن أحد أبرز الدروس المستفادة من الاستخلاصات التي توصل إليها وفريقه، يتمثل في أن الناس يعتادون سريعاً الظروف المواتية شريطة أن تستمر لفترةٍ كافيةٍ، أي لما هو أكثر من 10 أو 20 عاماً مثلاً، وليس لعامٍ أو عامين.
ففي هذه الحالة "يزيد الناس نسلهم، ويغيرون أنماط حياتهم ومستويات معيشتهم، ويعتادون تناول الأرز يومياً". وشير إلى أنه عندما تنتهي هذه الأوقات الجيدة فجأة، لا يستطيع المجتمع التكيف على ذلك بسرعةٍ كافية، ويشيع الخراب غالباً في صورة مجاعات.
كما يصبح المجتمع بيئةً خصبةً بشكل أكبر لأن يشهد نشوب نزاعات، خاصة لو لم تكن التأثيرات البيئية موزعةً بشكلٍ متساوٍ على مختلف أنحاء البلاد، ما يمزق السكان بين من يملكون ومن لا يملكون. ومن بين الأمثلة على ذلك، تصاعد معدلات الجريمة والاقتتال الداخلي في بعض الأقاليم جراء حدوث فيضاناتٍ عارمةٍ فيها، أواخر القرن الثالث عشر وخلال القرن التالي لذلك.
ويقر ناكتسكا بأن وضع العالم الآن اختلف، إذ بات منفتحاً على بعضه بعضاً على نحوٍ أكبر، وأصبح كذلك أكثر تطوراً من الوجهة التكنولوجية مما كان عليه قبل قرون. فـ "الآن، يمكننا إذا انخفضت درجة الحرارة، أن نستورد الأرز من دولٍ أجنبية، ما يقينا خطر التضور جوعاً".
ولماذا تأتي النساء السعوديات في مقدمة الساعين للخروج من المملكة؟
هل يبدو الحديث عن استمرار الرقابة على المرأة في السعودية متناقضا مع الحديث عن منحها مزيدا من الحقوق؟
إذا كنتم في السعودية حدثونا عن مزايا وعيوب تطبيق (أبشر)؟
وهل يسهم التطبيق بالفعل في رصد تحركات المرأة السعودية والحيلولة دون سفرها؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الإثنين 18 شباط/فبراير من برنامج نقطة حوار الساعة 16:06 جرينتش.
لكن ناكتسكا يقول إننا نبقى في كل الأحوال بشراً تكبلهم حقيقة أن التغيير يُحْدِثُ توتراتٍ وضغوطاً، تقود بدورها إلى اضطراباتٍ اجتماعية. ويمكن القول إنه من المرجح أن تتفاقم خلال السنوات المقبلة مشاعر الاستياء والخوف المتراكمة على خلفية التغيرات الثقافية والمناخية والاقتصادية والديموغرافية، وهو ما يزيد من جاذبية الحكم السلطوي والشعبوي في أعين الناس.
من ناحيةٍ أخرى، هناك أمثلةٌ معروفةٌ بالفعل - على التأثيرات التي تُخلّفها التغيرات المناخية التي تحدث كل بضعة عقود في تاريخ الأمم - تندرج خارج نطاق الدراسة التي أجراها ناكتسكا ورفاقه. من بينها ما كشفه باحثون في الولايات المتحدة ومنغوليا مؤخراً من أن صعود جنكيز خان للسلطة وغزوه للصين تزامنا مع فترةٍ هطلت فيها الأمطار بغزارةٍ استثنائيةٍ لمدة 15 عاماً، وهو ما وفر له فائض الثروة الحيوانية، الذي احتاجه لدعم جيشٍ شكله في تلك الفترة.
ويأمل ناكتسكا وزملاؤه في أن تلهم دراستهم باحثين آخرين في شتى أنحاء العالم، لإجراء دراساتٍ مماثلةٍ لتحديد ما إذا كانت التغيرات المناخية، قد أدت إلى إغراق المجتمعات الغابرة في الاضطرابات، أم أن هذه التجمعات البشرية قد نجحت في مواجهة تلك التقلبات بنجاح.
وفي ظل ما هو متوقعٌ من أن يشهد مناخ الأرض تغيراتٍ على مستوياتٍ غير مسبوقة خلال العقود المقبلة، ربما يحمل لنا الماضي في طياته مفاتيح من شأنها تعريفنا بطبيعة ما ينبغي أن نُعِدَ أنفسنا لمواجهته.
وفي نهاية المطاف، يقول ناكتسكا: "يتضمن التاريخ الإنساني الكثير من الأمثلة، التي يمكن أن نستخلص منها دروساً مشتركةً ذات صلةٍ بالتغير البيئي العالمي المعاصر. والدرس الماثل أمامنا الآن هو أنه يتوجب علينا التحضير لتقليص أي أضرارٍ أو خسائر".
أثار تصريح المتحدث باسم منظمة العفو الدولية، عن تضاعف عدد السعوديين الذين يطلبون اللجوء في أنحاء العالم، بمعدل ثلاث مرات خلال عام 2017، الجدل من جديد عن وضع الحريات في المملكة، وخاصة بالنسبة للنساء السعوديات، اللاتي تزايدت نسبة الساعيات منهن للهرب من المملكة، خلال الفترة الماضية.
وكان المتحدث باسم المنظمة الحقوقية الدولية، قد قال في تصريحه لوكالة الأنباء الألمانية إن "هذا العدد المتنامي لطالبي اللجوء السعوديين، وقمع ناشطين ومنتقدين للحكومة، يعد علامة تحذيرية لوضع حرية الرأي في المملكة".
وسبق للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أن كشفت عن أن عدد طالبي اللجوء السعوديين، تضاعف في عام 2017، بنسبة 318% مقارنة بعام 2012، حيث وصل إلى نحو 815، مقابل أقل من مائتين عام 2012.
ومنذ تفجرت قضية الفتاة السعودية رهف القنون، والتي هربت من أسرتها باتجاه تايلاند، ثم منحت فيما بعد حق اللجوء السياسي في كندا، يتزايد الحديث عن أن النسبة الأكبر من الساعين للجوء، هن من النساء السعوديات، الهاربات من نظام الوصاية المفروض عليهن من قبل الرجال، والذي يقيد حركتهن بصورة كبيرة.
ويأتي كل هذا الحديث، متزامنا مع جدل آخر، تفجر بشأن تطبيق (أبشر)، الذي يستخدم في المملكة العربية السعودية عبر الهواتف الذكية، والذي أدخلته وزارة الداخلية السعودية للاستخدام عام 2015، وهو قادر على رصد تحركات النساء السعوديات، وإنذار الرجال عند سفرهن.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد تحدثت عن ضغوط أمريكية، على كل من شركتي "أبل" و"غوغل"، من أجل سحب التطبيق، كما انتقد السيناتور الأمريكي "رون وايدن" استخدام هذا التطبيق، معتبرا أن الرياض منحت الرجال حق مراقبة النساء، لمنعهن من السفر وتقييد حرياتهن.
ووجه وايدن، رسالة إلى الرئيسين التنفيذيين لشركتي آبل وغوغل، طالب فيها بمنع تحميل التطبيق على منصاتهما الرقمية.
من جانبها استنكرت الداخلية السعودية، ما وصفتها بـ"الحملة المغرضة" للتشكيك في غايات تطبيق "أبشر"، وعبرت عن رفضها تسييس الاستخدام النظامي، للأدوات التقنية التي يستفيد منها سكان المملكة.
وقال مصدر بالوزارة إن ما يثار هو "محاولة لتعطيل الاستفادة من أكثر من 160 خدمة إجرائية مختلفة يوفرها التطبيق لكافة شرائح المجتمع في المملكة من مواطنين ومقيمين بمن فيهم النساء وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة".